وعُود داميَة
ألذُّ ما في الحب يا حبيبي ملوحةُ دمعه الدافئ .
.
.
نجلسُ معًا ، و الساعاتُ تدور حولنا دون أن نبالي .
ننبش سلة الماضي ، و تسقُط من حديثنا سهوًا
تفاصيل سريّة للغاية . .
لا تدرك كم مرّة تدمع عيني و أتبسّم بعد كل حديث دافئ بيننا .
هذه الأشياء الصغيرة التي نشي بها
في لحظةٍ طاهرة و شفافة كالمطر ،
فتتحرك كفُّ ذاكرتي لا شعوريًّا لالتقاطها بشغف ؛
لأعيد بها ربط قاطرة ما كان ، و ما يكون ، و ما سيكون أيضًا .
و ذلك الأخير ( ما سيكون في المستقبل )
كثيرًا ما يتسبب بهدر دمعي البريء دون مبرّر واضح !
أعترف لك أنني خائفة .
الفزع يؤرّقني ، و يضطرني للتردد بوجل على قلبك ،
" يحبّني ، ينبض بي ، اسم من هذا الذي أسمعه في خفقه ؟ "
أنا ما عندِي ما أهجسُ به ، سوى غرابة الحب الآيل للفرَاق . .
الغياب الذي سيأتي لاحقًا ليشمَت بعجز الذاكرة عن الموت .
و الصوتِ البائس ، الخافت بوضوح :
نسيَك ، لا داعي لكلّ هذا الوفاء المَزعوم !
فيُعارضه من الشق الآخر من صدري :
لا زال في محجره ماء مالح ، يذيبُ فيه صورتك ،
اذكريه بدعوةٍ في سجودك ؛ لعلّ الله يرحمك ،
و تهتدين إلى النسيان !
.
.
أنا مثلك ،
أردت أن أخوض الحب بِلا قلب ، بلا تمنّي ، بلا انتظار . .
لكنّ الحب ليس ببساطة اعتقادنا يا رفيقي !
و حين تريد أن تُحب ، فما ذاك إلا إعلانٌ صريح
بتخلّيك عن أشياء كنتَ تظنها لك ، و ستؤول اليوم إلى الحب . .
أنا مثلك ،
كنتُ قد أردتُ ألا أحتاج إليك ، و لكنني في النهاية احتجت إليك . .
و أردتُ أن أعيش معَك ، فعشتُ عليك !
دائرة الهوى لا ترحم من دارَ فيها ، و لا ترفق به لمجرّد سعيه الطويل ،
مهما كان ، ستلتقي يومًا خطواتك الأولى بخطواتك الأخيرة !
.
.
و عن المستقبل المُخيف ثرثرتَ لي ضاحكًا ،
و أنت تقول :
عندما تصبحين عجوزًا في الستين ستذكرين حكمتي ،
و تحدثين الناس عن رجلٍ كنتِ تعرفينه ،
له اسمي و شبابي و . . و . .
و أسررتُ أنا :
عندما أكون في الستين ، سأذكرك كما أذكر سواد شعري ، و نضارتي ،
سأتذكرك باسمة ؛ لأن كل شيءٍ معك كان دعوةً للفرح .
قولك لي : " ستذكرينني "
كان وعدًا صريحًا بالغياب مدى العُمر ،
بالتحوّل إلى ذكرى عتيقة ، لن تنفع إذا لم تضرّ !
و لأنني أحبّك ؛ فقد أحبَبتُ وعودك الداميةَ أيضًا .
و أحببت طريقَتك في تجفيف دمعي قبل انسكابه ،
و جعلي أسخر من ألمي بطريقةٍ موجعة .
.
.
الحب السائِر إلى نهاياتٍ معلومة جعلني أتمنى لو أنني لم أكن شيئا . .
دفعني إلى تمني لو أننّي كنتُ ابنة أختك الصغيرة ،
لو أنني صديقك ، أو حتى عجوزًا ماتت و لم تعرفك . .
بل حتى و لو أن أكون شيئًا لا ينفصل عنك ،
كاسمك ، كنظارتك ، ساعة معصمك ، هاتفك . .
لا يهم !
الأهم ألا أُصنّف في ذاكرتك " حبيبةً راحِلة " . . !
.
.
بِـ حرفِي :قلب
صبيحة الاثنين
25 رمضان 1433 هـ
13 أغسطس 2012 م
اضافة تعليق